. يلزمنا أولاً معرفة تحديد معين لهذه الكلمة ” دين ” عند عرب الجاهلية ، وأيضاً إسلامياً وهو تعريف موحد بينهما تقريباً ، وذلك قبل أن نتعرف على مفهوم العرب عن الله

تعريف الدين :

 الدين إيمان وعمل ، إيمان بوجود قوى خارقة فوق طبيعة البشر العقلية ، ولهذه القوى تأثير في مجرى حياة الإنسان . وعمــل ، في أداء فرائض وشعائر وطقوس معينة ، تفرضها الأديان السماوية ، والأرضية (لعبادة الأصنام والأوثان ) لاسترضاء الآلهة [ جواد على – المفصل في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام 6/ 28 ] . والإيمان قبل العمل . وحتى تقوم بعمل ما فرضته عليك الأديان ، لابد وأن تكون مؤمناً وقبل القيام بهذا العمل ، كل الإيمان بوجود إله انصرفت إليه ذاتك ، واعتبرته حامياً لك قديراً عليك يُسأل فيُجيب ويُنادى فيلبى . فالعمل تابع لهذا الإيمان وهو حصيلة مؤثراته في النفس الإنسانية .

: والدين كما جاء في اللسان [ لسان العرب : مادة ( دين ) ] هو الطاعة . ومن الدين جاءت لفظة ديان . وهى من أسماء الله ، ومعناها الحكم والقاضي والقهار وفى ذلك يقول ” ذي الإصبع العدواني “

! لاه ابن عمك ، لا أفضلت في حسب فيــنا ، ولا أنت دياني فتخزيني

ويوم الدين هو يوم الجزاء ، أي يوم الحساب وفى المثل : كما تدين تُدان ، أي كما تجازى تُجازى .

و ” دان ” أسم عبري يعنى ” قاض ” [ قاموس الكتاب المقدس ]. و”دان ” خامس أبناء يعقوب من زوجته بلهه [ سفر التكوين 3.: 6 ]، وقد تنبأ يعقوب بشأنه قائلاً : ” دان يدين شعبه كأحد أسباط إسرائيل “[ سفر التكوين 16:49 ] . فالدين إذاً هو الطاعة والخضوع لحكم حاكم ” قاض ” ومجاز يفرض الجزاء في يوم الحساب .

وقد يأتي الدين بمعنى الجزاء وهذا ما قصد إليه السيد المسيح بقوله : ” لا تدينوا لكي لا تدانوا . لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون . وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم ..الخ “

. [ الإنجيل بحسب متى 7: 1- … ] وورد أيضاً في الكتاب المقدس :” وأما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين ” [ الإنجيل بحسب يوحنا 11:16 ]

. وقد يأتي الدين بمعنى الحساب كما جاء في القرآن :{ الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين }[الفاتحة :4 ] . وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين [ الصافات : 2. ] . {وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين }[ ص: 78] .{ وما أدراك ما يوم الدين }[ الانفطار : 17 ] ..أنظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن مادة( د ى ن)

. فالدين إذن علاقة بين الإنسان والله ، فهو فعل ( عبادة ) ناتجة عن إيمان بعد قناعة ، أو إيمان مطلق فيه تسليم بما هو خارج عن نطاق العقل البشرى وإدراكه ، وعن عمل ملموس ، هو نتيجة هذا الإيمان . والعمل يكون بالممارسات الإنسانية من صلاة وصوم وتقديم ذبائح وفروض وارتداء ثياب معينة وقص شعر أو تركه والنذور وغير ذلك

. وقد عرف الدين علماء كثيرين وأعطوه تعريفات شتى ، اختلفت باختلاف نظرة هؤلاء العلماء إلى الدين . ولكن مها قيل في تعريف الدين فلكل دين شعائر تظهر في طرق العبادة تميز أتباعه عن بقية أتباع الديانات الأخرى وهذا ما سنبينه بمعارفنا لأديان العرب فيما قبل الإسلام