قضية الناسخ والمنسوخ فى القرآن

الباب الأول

التعريف بقضية الناسخ والمنسوخ

ـ مالمقصود بالناسخ والمنسوخ ؟

ـ من أين جاءت فكرة الناسخ والمنسوخ ؟

ـ ماالمقصود بالقول ” خير منها ” ؟

الفصل الأول

ما هو المقصود بالناسخ والمنسوخ في القرآن؟

ـ [كلمة نَسَخَ] في قواميس اللغة العربية معناها: أزال، أو أبطل. وهذا بالطبع غيْرُ المعنى المعروف وهو أن ينسخ كتابا أي ينقل صورة منه. وقد جاء في المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية بالقاهرة (ص 917) “نسخ الشيء أي أزاله، ويقال نسخ الله الآية: أي أزال حكمها، وفي التنزيل العزيز: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها} ويقال نسخ الحاكم الحكم أو القانون: أي أبطله.

2ـ قال الإمام النسفي (الجزء الأول ص116) تفسير النسخ هو التبديل، وانتهاء الحكم الشرعي.

3ـ وهناك مفهوم آخر للنسخ أوضحته (سورة الرعد آية 39) التي تقول: “يمحو الله ما يشاء” وقد علق على هذه الآية الباحث الإسلامي الكبير سيد القمني في كتابه الضخم (الإسلاميات ص 568) قائلا: وهنا ما يشير ليس فقط إلى الاستبدال، بل إلى محو آيات بعينها.

4 ـ ونقل ابن كثير فى تفسيره ( ج1 ص 104 ) عن ابن جرير تعليقاً على الآية “[ ماننسخ من آية ] قوله أى : نُحوِّل الحلالَ حراماً، والحرامَ حلالاً، والمباحَ محظوراً، والمحظورَ مباحاً.” تأملوا ياذوى الأفهام ؟؟؟!!! .

هل يقبل أي إنسان عاقل هذ الكلام؟ وهل الكلام الذ ي ينطبق عليه هذه الأوصاف من إلغاء وإزالة ومحو وتحويل الحلالِ حراما والحرامِ حلالا، يكون فعلا من عند الله؟ .

هذا هو مفهوم الناسخ والمنسوخ أي إلغاء الآيات وتبديلها بآيات أخرى تجعل من الحلال حراما ومن الحرام حلالا. وهذا كله يحدث في القرآن، فكيف يمكن القول بعد ذلك أنه كتاب من عند الله!!!!!!!.

الفصل الثالث

ما هو المقصود من القول ” خير منها ” ؟

1ـ تقول الآية القرآنية في سورة (البقرة2: 106): “ما ننسخ من آية أو نُنسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها” والمقصود بالقول ” خير منها” أي أفضل أو أحسن منها، (انظر المعجم الوسيط ص264).

2ـ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل وحي الله فيه مفاضلة؟ أي هل فيه شيء حسن وشيء أحسن؟ إذا كان الأمر كذلك فيمكن إذن أن يقال أن فيه كلام غير حسن أيضا، طالما هناك درجات في كلام الله. ما هذا الهراء؟؟؟؟ .

3ـ ثم هناك مسألة أخرى أكثر تعقيدا: ما هو يا ترى الكلام الذي كان مكتوبا في اللوح المحفوظ؟ هل هو الكلام الذي نُسِخَ وأُنْسي؟ أم هو الكلام الأخير والأحسن الذي حلَّ محل ما نُسخ بالإلغاء والنسيان؟؟ كلام غريب الشأن لايَخِيلُ على أيِّ إنسان عاقل!!! .

وقد يتحير البعض من قول السيد المسيح عن الوصية الأولى أنها العظمى، ويتصور أن ذلك يعنى أن هناك وصايا عظيمة، ووصايا أعظم … وإن كان الأمر كذلك فتكون مثل “نأتى بخير منها …” .

ولتوضيح ذلك الأمر نقول أنه لا توجد علاقة بين الأمرين. فالآية المنسوخة أو التي تنسَّى يؤتى بأحسن منها. فهذا معناه أن الآية الأولى لم تكن في درجة الآية الجديدة، بل هي أقل منها. ولكن قول الكتاب المقدس أن هناك وصية عظمى، فهذا لم يلغ الوصايا الأخرى ولا يحقرها، بل دعيت عظمى لأنها تختص بالله العظيم ذاته، مثل تحب الرب إلهك من كل قلبك … (مت22: 37). وتوجد وصايا أخري تخص علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، فهي وصايا مقدسة أيضا ولم تنسخ، ولكن يأتى الإنسان بعد عظمة الله ذاته، وهذه الوصايا مثل: تحب قريبك كنفسك (مت22: 39)، كما توجد وصايا صغرى تخص علاقة الإنسان بمواشيه، والمواشي تأتي بعد رتبة الإنسان، مثل: لاتَكُمَّ الثور في دراسه (تث25: 4) .

وبالرغم من ذلك فهي في مرتبة واحدة لاتقل إحداها قيمة عن الأخرى، فقد قال السيد المسيح: “من أخطأ في أحد هذه الوصايا الصغرى فقد صار مجرما في الكل” (مت5: 19) .

لعلك أدركت يا عزيزي المفارقة بين هذه الوصايا المقدسة، وبين نسخ آيات ويؤتى بأحسن منها، وكأن عند الله آيات أحسن من آيات!!!

الفصل الثانى

الآيات التى جاءت فيها منسوخات فى القرآن

تكلمنا في الفصل السابق عن السور التي شملها النسخ، وهذا الفصل عن عدد الآيات التي شملها الناسخ والمنسوخ، ويقول الشيخ ابراهيم الابياري عن الآيات التي شملها الناسخ والمنسوخ في كتابه (تأريخ القرآن ص 168) “قد عدَّ الناظرون في هذا نحواً من 144 موقعاً” ( وذكر منها 60 موقعاً فقط على سبيل المثال) هي:

1) 1 آية في سورة القصص 2) 1 آية في سورة الروم

3) 1 آية في سورة الملائكة 4) 1 آية في سورة إبراهيم 5) 1 آية في سورة الكـهف 6) 1 آية في سـورة النمل

7) 1 آية في سورة العنكبوت 8) 1 آية في سورة السجدة

9) 1 آية في سورة التكـوير 10) 1 آية في سورة سبأ

11) 1 آية في سورة الدخان 12) 1 آية في سورة القمر 13) 1 آية في سورة الغاشية 14) 1 آية في سورة العصر

15) 1 آية في سورة السجدة 16) 1 آية في سورة المجادلة

17) 1 آية في سورة عبس 18) 1 آية في سورة الطارق 19) 1 آية في سورة التين 20) 1 آية في سورة الكافرون

21) 2 آية في سورة الـرعد 22) 2 آية في سورة المؤمنون

23) 2 آية في سورة الفرقان 24) 2 آية في سورة الأحزاب 25) 2 آية في سورة ص 26) 2 آية في سورة الأعراف 27) 2 آية في سورة المؤمن 28) 2 آية في سورة الأحقاف 29) 2 آية في سورة ق 30) 2 آية في سورة الطور 31) 2 آية في سورة المعـارج 32) 2 آية في سورة الانسان

33) 2 آية في سورة الزخـرف 34) 2 آية في سورة الجاثية 35) 2 آية في سورة محمد 36) 2 آية في سورة الذاريات 37) 2 آية في سورة النجم 38) 2 آية في سورة القلم

39) 3 آية في سورة بني اسرائيل 40) 3 آية في سورة الأنبياء 41) 3 آية في سورة طه 42) 3 آية في سورة الحج 43) 3 آية في سورة الزمر 44) 3 آية في سورة الامتحان 45) 4 آية في سورة هود 46) 4 آية في سورة النحل 47) 4 آية في سـورة الصافـات 48) 5 آية في سورة الحِجْـر 49) 5 آية في سورة مـريم 50) 6 آية في سورة الأنـفال 51) 6 آية في سورة المزمل 52) 7 آية في سورة النور 53) 7 آية في سورة الشورى 54) 8 آية في سورة يونس

55) 9 آية في سورة المائدة 56) 10 آية في سورة آل عمران 57) 11 آية في سورة التوبة 58) 15 آية في سورة الأنعام 59) 24 آية في سورة النساء 60) 30 آية في سورة البقرة

ونستطيع أن نجدول الآيات كالآتي:

1ـ (20 سورة) تغير في كل منها آية واحدة = 20 آية

2ـ (18 سورة) تغير في كل منها آيتان. = 36 آية

3ـ (6سورة) تغير في كل منها 3 آيات = 18 آية

4ـ (3سورة) تغير في كل منها 4 آيات = 12 آية

5ـ (2سورة) تغير في كل منهما 5 آيات = 10 آية

6ـ (2سورة) تغير في كل منهما 6 آيات = 12 آية

7ـ (2سورة) تغير في كل منهما 7 آيات = 14 آية

8ـ (1سورة) تغير فيها 8 آيات = 8 آيات

9ـ (1سورة) تغير فيها 9 آيات = 9 آيات

10ـ (1سورة) تغير فيها 10 آيات = 10 آيات

11ـ (1سورة) تغير فيها 11 آيات = 11 آية

12ـ (1سورة) تغير فيها 15 آيات = 15 آية

13ـ (1سورة) تغير فيها 24 آيات = 24 آية

14ـ (1سورة) تغير فيها 30 آيات = 30 آية

المجموع 229 آية

هذه هي الآيات المنسوخة في 60 موقع فقط، أي حوالي 230 آية.

وتصور ياعزيزى القارئ لو ذكرنا بقية المواقع التى ذكرها الشيخ إبراهيم الإبيارى فى ( كتاب تاريخ القرآن ص 168 ) وهى 144 موقعاً، فعلى كم آية منسوخة نحصل؟. الواقع أننا بحسبة بسيطة نستطيع أن نقدر متوسط تلك الآيات، فقد وجدنا حوالى 230 آية منسوخة فى 60 موقعاً، فبقسمة 230 على 60 يكون الناتج حوالى 4 آيات فى الموقع الواحد ( أى بمعدل 4 آيات فى كل موقع )، وبضرب هذا المعدل فى عدد المواقع التى ذكرها الإمام إبراهيم الإبيارى وهى 144 نحصل على حوالى 550 آية منسوخة فى القرآن الكريم، والكريم جداً. ياللهول !!!! .

أين عقول إخواننا المسلمين؟؟؟؟ إنه الوعي المغيب بفعل الإرهاب الديني!!!

ألم يكن نبي الإسلام بحق عبقرياً، لقد أحسن المرحوم عباس العقاد إذ سمى كتابه عن النبي “عبقرية محمد”

الفصل الثانى

خطورة الناسخ والمنسوخ

الخطورة الأولى:

كيف تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ أو التغيير والتبديل مع علم الله المطلق الذي لا يتغير ولا يتبدل؟ فالله ليس إنسانا يغير كلامه ويبدله، وهذا ما يقره القرآن أيضا في (سورة الأنعام 34) “لا تبديل لكلمات الله” وفي (سورة الكهف 27) “لا مبدل لكلماته” فكيف يقولون أن كلمات الله بدلت وغيرت ونسخت؟؟؟؟ .

وعن هذا الأمر علق الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 568) قائلا: .

قارن هذا بما قاله السيد المسيح “لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل، فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل” (مت5: 17و18) .

الخطورة الثانية:

هل تتفق فكرة الناسخ والمنسوخ، أو التغيير في آيات القرآن وإلغائها ومحوها، مع حقيقة أن القرآن أزلي مكتوب في لوح محفوظ؟ فهل تم التغيير والإلغاء في اللوح المحفوظ أو بمعنى آخر هل للوح المحفوظ طبعات معدلة ومنقحة ومزيدة؟؟؟؟ .

وعن هذا قال الأستاذ سيد القمني المفكر الإسلامي المستنير في كتابه (الإسلاميات ص 569) قال: “ظاهرة النسخ تثير في وجه الفكر الديني السائد المستقر ….. إشكالية: كيف يمكن التوفيق بين هذه الظاهرة بما يترتب عليها من تعديل للنص بالنسخ والإلغاء، وبين الإيمان الذي شاع واستقر بوجود أزلي للنص في اللوح المحفوظ“. هذا ما قاله سيد القمني بالحرف الواحد.

الخطورة الثالثة:

أما عن قول السورة القرآنية “أو نُنْسِها” فكيف يتفق هذا مع قول القرآن (في سورة الحجر 9) “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”؟ فإن كان الله يحفظ كلامه فلماذا لم يحفظه في ذاكرة الرسول، ولماذا ينسيه له، بعد أن يوحي به إليه؟؟؟؟ .

الخطورة الرابعة:

وإن كان الرسول ينسى الكلام الموحى به وهو المؤتمن على الوحي، فماذا يقال عن حفظة القرآن، ألا يمكن أن ينسوا هم الآخرين؟ … ، وعن هذه الفكرة قال أيضا سيد القمنى المفكر الإسلامي الشهير ص569″هناك إشكالية ثانية .. هي إشكالية جمع القرآن، وعن مشكلة الجمع فإن ما يورده علماء القرآن من أمثلة توضح أن بعض أجزاء النص قد نسيت من الذاكرة الإنسانية، ولم يناقش العلماء، ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة، أو حذف النصوص سواء بقي حكمها أم نسخ أيضا، من قضاء كامل على تصورهم الذي سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ. (ثم يكمل حديثه قائلا): فإن نزول الآيات المثبتة في اللوح المحفوظ، ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو، ينفي هذه الأبدية المفترضة الموهومة (للوح المحفوظ)”. (ويستطرد قائلا): “فإذا أضفنا إلى ذلك المرويات الكثيرة عن سقوط أجزاء من القرآن ونسيانها من ذاكرة المسلمين، ازدادت حِدَّةُ المشكلة”. (ثم يختم كلامه في هذا الخصوص بقوله): “والذي لاشك فيه أيضا، أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدي فقط إلى معارضة تصورهم الأسطوري للوجود الأزلي للنص، بل يؤدي أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاتـــه” .

تحية كبيرة ورائعة للمفكر الحر، وجرأتِه في كتابة، وهذه الحقائق المذهلة للعالم الإسلامي. ليت جميع إخوتنا المسلمين ينفتحون على المعرفة، ويستنيرون لمعرفة الحق.

أرأيت يا أخي خطورة فكرة الناسخ والمنسوخ أو التغيير والتبديل بالزيادة والنقص أو كما عبر عنه ابن كثير في (تفسيره ج1 ص104) نقلا عن ابن جرير تعليقا على الآية: “[ما ننسخ من آية] قوله أي: أن نُحوِّل الحلالَ حراما، والحرامَ حلالا، والمباحَ محظورا، والمحظورَ مباحا.”

الخطورة الخامسة:

ألا يعتبر الناسخ والمنسوخ تحريف في قرآن اللوح المحفوظ؟؟؟؟!!! .

الخطورة السادسة:

ألا تتصادم قضية الناسخ والنسوخ مع الآية القرآنية التي تقول: “لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا” (سورة النساء4: 82)؟ .

ألا تكفي 550 آية من القرآن كما سبق أن أوضحنا قد وقع عليها النسخ والتغيير والتبديل والزيادة والنقص وتحويل الحرام حلالا، والحلال حراماً، ألا يكفي هذا الكم الهائل لإثبات أن في القرآن اختلافاً كثيراً، وينطبق عليه حكم الآية: “لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا” (سورة النساء4: 82)؟ .

ألا نستطيع أن نقول أن القرآن بهذا قد حكم على نفسه بأنه ليس من عند الله؟؟؟؟!!!! .

الباب الرابع

انواع الناسخ والمنسوخ في القرآن

ـ ما نُسخ حرفه وبقى حكمه .

ـ ما نُسخ حكمه وبقى حرفه .

ـ ما نُسخ حكمه ونُسخ حرفه .

أئمة الإسلام الناسخ والمنسوخ إلى ثلاثة أقسام: (انظر كتاب: الناسخ والمنسوخ تأليف هبة الله بن سلامة البغدادي المتوفي سنة 410هـ وتأريخ القرآن ـ لإبراهيم الابياري ص 168و كتب التفسير المختلفة) إذ يقولون: أن هناك ثلاثة أنواع للناسخ والمنسوخ (بعد أن نذكرها سوف نشرح معانيها) هي:

(1) ما نُسخ حرفه، وبقي حكمه.

(2) ما نُسخ حكمه، وبقي حرفه.

(3) ما نُسخ حكمه ونسخ حرفه.

الفصل الأول

ما نُسخ حرفه أو خطه أو تلاوته أو نصه وبقى حكمه

(1) والمقصود بتعبير ما نُسخ: أي ما تغير من القرآن، أو مُحي أو أُبطل.

(2) والمقصود بحرفه: أي كتابته بالحرف في القرآن.

(3) والمقصود بكلمة خطه: أي كتابته بالخط في القرآن.

(4) والمقصود بتلاوته: أي قراءته، فهو غير موجود في المصحف.

(5) والمقصود بِبَقِيَ حكمُه: أي بقي العمل به، بمعنى أن حكم الآية التي نسخت لازال معمولا به، رغم أنها غير موجودة في القرآن الحالي.

فيكون معنى ما نسخ حرفه أو تلاوته وبقي حكمه هو: أن الآيات التي تغيرت أو محيت من المصحف، لا زال يعمل بها في الواقع.

فهل تصدق يا عزيزي السامع هذا الكلام؟ أن في القرآن آياتٍ مُحيت ولا تُقرأ، وبالرغم من ذلك لا زالوا يحكمون بها؟؟؟!!! .

أمثلة على ذلك:

الواقع أن القرآن به أمثلة كثيرة على ذلك ولكنني لضيق الوقت أكتفي بمثلين فقط هما:

1ـ آية رجم الزاني والزانية.

2ـ وآية رضاعة الكبير.

أولا: آية رجم الزاني والزانية:

أسوق إليك ما نقله سيد القمني (في كتابه الإسلاميات 572) عن ابن الجوزي في كتابه (نواسخ القرآن ص35) قوله: “قال عمر ابن الخطاب: بعث الله محمدا (صلعم) بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه: آية الرجم، فقرأناها ووعيناها وعقلناها، ورجم رسول الله (صلعم) ورجمنا بعده، (وهذه هي آية الرجم كما ذكرها عمر ابن الخطاب) “الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة” .. وأكد عمر كلامه قائلا: ولولا أن يقول قائل زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي”

ويعلق سيد القمني قائلا: “هذه حالة واضحة جلية لإحدى الحالات التي تم تصنيفها ضمن المنسوخ في القرآن الكريم، وتحديدا ضمن ما نسخ تلاوته (أي وجوده) في القرآن، وبقي حكمه أي العمل به” .

ثم ذكر سيد القمني (في كتابه الإسلاميات ص 578) بخصوص هذه الآية التي محيت من القرآن ولا زال العمل بها، قصة يندى لها الجبين في أحاديث الصحابة، [ وإنى بصراحة أتردد كثيراً فى ذكرها، فالواقع كم خجلت من نفسى وأنا أقرأها بعينى دون حنجرتى، فلست أدرى كيف أنطق بها على مسامعكم، ولكننى أتساءل وأريد من يجيبنى، ولهذا أستأذنكم فى سردها مع التحفظات اللازمة من بعض ألفاظها الخادشة للحياء ]. قال سيد القمني المسلم المستنير بالحرف الواحد: “إن عمر ابن الخطاب، صاحب الخطاب الأشهر في الإصرار على العمل بحكم آية غير موجودة في المصحف، ولم تكتب أصلا .. ذكر عنه .. في كتاب (وفيات الأعيان) رواية هامة.. تحت عنوان: “درؤه [منعه] الحد عن المغيرة بن شعبة” توضح موقف عمر ابن الخطاب بعد أن أصبح خليفة قالت الرواية: فعل المغيرة ما فعل مع أم جميل بنت عمرو وهو محصن (أي متزوج).. وقد شهد عليه كل من: أبي بكرة من الصحابة، ونافع ابن الحارث وهو صحابي أيضا، وشبل ابن معبد. وكانت شهادة هؤلاء الثلاثة صريحة، بأنهم رأوا المغيرة بن شعبة يولجه في أم جميل إيلاج الميل في المكحلة [أرجو أن لا يسألني أحد عن تفسير هذه الألفاظ القبيحة] .. ولما جاء الرابع وهو زياد ابن سميلة يشهد، أفهمه الخليفة رغبته في ألا يخزي المغيرة (ملاحظة جانبية: أي أنه يحرضه على عدم النزاهة في الشهادة) ثم سأله عما رآه فقال: رأيت مجلسا، وسمعت نفسا حثيثا وانتهازاً ورأيته مستبطنها ، فقال عمر: أرأيته (وسامحموني فلن أنطق ثانية بالعبارة القبيحة التي ذكرتها منذ لحظة، يعني بيعمل كذا كذا ..) يدخله وبخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال: لا، لكني رأيته رافعا رجليها (وسامحوني للمرة الثالثة فأنا لا أستطيع التلفظ بالعبارات هذه المرة فهي وصف في منتهى قلة الأدب للعملية الجنسية بالتفصيل المخل للآداب) “فرأيت خصيتيه تتردد إلى ما بين فخذيها، ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا”. فقال عمر: ولكن أرأيته (ونفس العبارة القبيحة الأولى يعني بيعمل كذا كذا .. ) يدخله وبخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال لا. فقال عمر: (الله أكبر)، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم، فقام يقيم الحدود على الثلاثة (والمصيبة أنهم يفتخرون بعدل عمر هذا الذي عوج القضاء وأمر بإقامة الحدود على الأبرياء، وتبرئة المذنب. يقولون عنه في الموسوعة العربية الميسرة ص 1237: “عرف بشدته في الحق، ومخافته من الله، وحرصه على العدل” ياعيني على العدل، وإذا كان هذا هو حال من عُرف بالحق والعدل، فما بال الآخرين من حكام المسلمين الذين لم يُعرفوا بالعدل والحق؟؟؟!!!).

(ويذكر سيد قمنى المراجع التي ذكرت فيها هذه القصة وهي: ابن كثير: البداية والنهاية ج 7 ص 83 وعبد الحسين شرف الدين الموسوي: النص والاجتهاد ص 259) .

قد يتساءل أحد قائلا: ما علاقة هذه القصة بموضوع الناسخ والمنسوخ؟ .

أقول العلاقة هي أن عمر عمل بآية قد نسخت من القرآن وهي: “الشيخ والشيخة إذا زنيا فليُرجما” رغم أنها لم تكن مكتوبة في القرآن، فهي مثل من الأمثلة عن ما نشرحه في الناسخ والمنسوخ: وهو ما نُسخ خطه وبقي حكمه، أو ما ليس موجوداً في القرآن ولكن لا يزال يعمل به، رغم أن عمر تحايل على حكم الآية وجعل الرجل يشهد زورا لأجل تبرئة المتهم. وكان الأجدر به أن لا ينفذ آية غير موجودة أساسا بالقرآن!!! .

ثانياً : آية رضاعة الكبير :

الواقع أن رضاعة الكبير قصة غريبة في القرآن، يقول عنها سيد القمني: رضاعة الكبير هي مثل آخر عن الآيات التي ألغيت من القرآن، والآن هي ليست موجودة فيه، ولكن لا يزال يُعمل بها. وإليك ما كتب عن ذلك في صحيح مسلم (طبعة دار الشعب 4/167): قالت السيدة عائشة: “كان فيما أنزل: عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس معلومات، وتوفى رسول الله (صلعم) وهي مما يقرأ في القرآن”. ويؤكد الإمام أبوجعفر النحاس في كتابه (الناسخ والمنسوخ): أن السيدة عائشة ظلت على موقفها تقول برضاع الكبير” .

ويحكي ابن الجوزي قصة رضاعة الكبير في كتابه (نواسخ القرآن ص37) عن السيدة عائشة أنها قالت: آية رضعات الكبير، كانت في ورقة تحت سرير بيتي، فلما اشتكى رسول الله (صلعم) [أي مرض] تشاغلنا بأمره، فأكلتها ربيبة لنا (أي الشاة) فتوفى رسول الله (صلعم) وهي مما يقرأ في القرآن”. ملاحظة أين هذا من قول القرآن إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون؟ كيف يترك القرآن للشاة أن تأكله؟ سؤال يحتاج إلى جواب! .

وتوضح السيدة عائشة بمنتهى الصراحة قصة رضاعة الكبير الغريبة الشأن!!!!! وقد ذكرها أبو جعفر النحاس في كتابه (الناسخ والمنسوخ ص 124) إذ قالت: “جاءت سهلة ابنة سهيل إلى رسول الله (صلعم) فقالت: إني أجد أبي حذيفة (زوجي) مستاء إذا دخل عليَّ سالم (العبد الذي عندهم). قال النبي (صلعم) فأرضعيه (أي أرضعي سالم هذا حتى يكون بمثابة إبنك فيحرَّم عليك مضاجعته فيطمئن قلب زوجك من جهته!!!) قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ قال النبي (صلعم): ألست أعلم أنه رجل كبير؟ .

ولنا هنا وقفة، بعد إذنكم:

(1) .

(2) .

كلها تساؤلات تفرض نفسها بالمناسبة.

المهم أن القصة تقول أن سهيلة جاءت بعد ذلك، وقالت للنبي (صلعم): “والله يا رسول الله ما عدت أرى في وجه أبي حذيفة (زوجي) بعد شيئا أكرهه” !!!!!!!!!! .

واسمع الباقي يا عزيزي، فما خفي كان أعظم!!!! بناء علي هذه الآية الكريمة رضاعة الكبير والحديث الشريف إلى سهلة، فقد عملت السيدة عائشة بذات السبيل، فقد قال عروة: “إن عائشة كانت تأمر أختها أم كلثوم، وبنات أخيها، أن يرضعن الرجال الذين تحب أن يدخلوا عليها” صدقني هذا ما تقوله كتب السنة الشريفة (انظر كتاب “الناسخ والمنسوخ” لأبي جعفر النحاس ص 124) !!! .

ونحن نتساءل: هل يَقْبَل أي شريف منكم أن تتصرف زوجته هكذا؟ بأنها إذا أحبت أن تقابل رجلا، أرضعته على مرأى من عينيه، ويحلل لها ذلك أن تختلي به كمحرَم ؟؟؟ !!! .

إياك يا أخي أن تظن بأنني أتهجم على الإسلام، حاشا ، إنما نحن نتساءل عما ذكر بخصوص الناسخ والمنسوخ!!! وإني أتأسف بشدة للسامعين والسامعات لتلفظي بهذه القصص المخجلة، ولكني جاد في معرفة ردود إخوتنا المتفقهين في الدين على هذه القصص. والمشكلة التى تواجهنا فى غرف الحوارات هي أنه عندما يرفع أحد إخوتنا المسلمين يده ويطلب الكلام فيُعطى الميكروفون، وعوض أن يرد على تساؤلاتنا نراه يحول الكلام بأن يثير أسئلة وتشكيكات عن الكتاب المقدس!!!! كطريقة للهروب، ومحاولة للتشتيت!!

الفصل الثالث

مانُسخ حكمه ونُسخ أيضاً حرفه أو خطه أو تلاوته

أي إلغاء العمل بالآية القرآنية، وأيضا إلغاؤها من القرآن. رغم أنها كانت قد أُنزلت على محمد وكانت موجودة في القرآن القديم، ولكنها غير موجودة في القرآن الحالي. فأين ذهبت ؟ ..

تعليقات عن هذا النوع:

(1) قال سيد القمني (في كتابه الإسلاميات ص 590) “قد وُضع ضمن هذا الباب عدد من الروايات حول عدد من الآيات التي كانت معروفة زمن النبي، لكنها لم توجد بالقرآن الكريم .

(2) ونقل سيد القمني (في كتابه الإسلاميات ص 589) عن الزهري قوله: “أخبرني أبو إمامة .. أن رهطا من أصحاب النبي (صلعم) قد أخبروه أن رجلا منهم قام في جوف الليل، يريد أن يفتتح سورة كان قد وعاها، فلم يقدر على شيء منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فأتى إلى النبي (صلعم) في الصباح، ليسأل النبي عن ذلك. وجاء آخرون لنفس الغرض، ثم أذن النبي (صلعم) فسألوه عن السورة، فسكت ساعة لا يرجع إليهم شيئا، ثم قال: نسخت البارحة” (انظر جمال الدين ابن الجوزي: نواسخ القرآن ص 33) والسؤال هنا : لماذا إذن أعطاها إن كان سينسخها ؟ .

(3) وقد عقب أبو بكر الرازي على باب (ما نسخ تلاوته وحكمه) بالقول: “إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتابته في المصحف، فيندرس مع الأيام” (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) والسؤال هنا : لماذا إذن أعطاها إن كان سينسيها لهم ؟ .

(4) وعن شريك ابن عاصم عن (زر) قوله: “قال لي أُبيِّ ابن أبي كعب: كيف تقرأ سورة الأحزاب؟ قلت: سبعين أو إحدى وسبعين آية، قال والذي أحلف به، لقد نزلت على محمد (صلعم) وأنها تعادل سورة البقرة أو تزيد عليها. [سورة البقرة 286 آية أي انكمشت إلى الربع] (انظر التهذيب 10/42 ـ44)” (انظر جمال الدين ابن الجوزي: نواسخ القرآن ص 33) والسؤال هنا أين ذهبت الآيات الأخرى، ولماذا كان قد أعطاها ؟.

(5) وعن عائشة قالت: “كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي حتى مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلا على ما هو الآن” (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) أين باقى الآيات؟ ولماذا أعطيت إن كان سينسخها أو ينسيها ؟.

(6) وعن عمر قال: “ليقولن أحدكم: قد أخذت القرآن كلَّه، وما أدراك ما كله، لقد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل أخذت منه ما ظهر” (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) . أين الكثير من القرآن المفقود ؟ !! .

(7) وعن أمامة ابن سهل أن خالته قالت: “لقد أقرأنا رسول الله (صلعم) آية الرجم [الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة]” وهي غير موجودة بالقرآن الحالي (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) . أليس هذا شيئاً غريباً !!؟ .

(8) حدثنا حجاج ابن جريح، أخبرني أبي حميدة عن حميدة بنت يونس قالت: قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يصلون على النبي: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولي، قالت كان ذلك قبل أن يغير عثمان المصحف” (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) . أليس هذا شيئاً عجيباً ؟!! .

(9) وعن أبي سيفان الكلاعي أن مسلمة ابن مخلد قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين من القرآن لم تكتبا في المصحف، فلم يخبروه. وعندهم أبو الكنود سعد ابن مالك، فقال ابن مسلمة: “إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، ألا أبشروا أنتم المفلحون، والذين آووه ونصروه وجادلوا عنه القوم الذين غضب عليهم، أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون” وهي غير موجودة بالقرآن الحالي (انظر جلال الدين السيوطي: الاتقان في علوم القرآن ج 2 ص 26) … لماذا ؟!! .

(10) ويورد السيوطي عن عدي ابن عدي قال عمر: “كنا نقرأ: ألا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم، ثم قال لزيد ابن ثابت: أكذلك؟ قال نعم .. وقال عمر لعبد الرحمن ابن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة فإنا لا نجدها. قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن .

(11) عقب الدكتور طه حسين على ما فعله عثمان ابن عفان بحرق المصاحف والآيات القرآنية التي نزلت بقوله: “إن النبىلعم) قال: نزل القرآن على سبعة أحرف، كلها كاف شاف، وعثمان حين حظر ما حظر من القرآن، وحرق ما حرق من المصاحف، إنما حظر نصوصا أنزلها الله وحرق صحفا كانت تشمل على قرآن أخذه المسلمون عن رسول الله (صلعم) وما كان ينبغي للإمام أن يلغي من القرآن حرفا أو يحذف نصا من نصوصه. وقد كلف كتابة المصحف نفرا قليلا من أصحاب النبي، وترك جماعة القراء الذين سمعوا من النبي وحفظوا عنه، وجعل إليهم كتابة المصحف، ومن هنا نفهم سر غضب ابن مسعود، فقد كان ابن مسعود من أحفظ الناس للقرآن، وهو فيما يقول قد أخذ من فم النبي (صلعم) سبعين سورة من القرآن، ولم يكن زيد ابن ثابت [الذي كُلِّفَ بجمع القرآن] قد بلغ الحلم بعد. ولما قام ابن مسعود يعترض الأمر، رافضا تحريق صحف القرآن أخرجه عثمان من المسجد إخراجا عنيفا، وضربت به الأرض فدقت ضلعه” (انظر الفتنة الكبرى للدكتور طه حسي ج 1 ص 160ـ183) … كلام غريب !! .

هذه هي قصة الناسخ والمنسوخ في القرآن، آيات ألغت آيات، وغيرتها وأبطلتها ومحتها وحرمت الحلال وحللت الحرام، وفوق كل هذا آيات أنساها الله للنبي وأيضا لحفظة القرآن فلماذا كان قد أوحى بهذه الآيات أساسا إن كان يعمد على أن ينسيها ويلغيها، هل يغير الله رأيه ؟؟؟؟؟ .

أليس هذا شهادة قوية على أن القرآن مملوء بالاختلافات والتضارب والتناقض؟ أفلا ينطبق عليه حكم القرآن ذاته إذ قال: : “لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا” (سورة النساء4: 82) ؟ .

ما هو حكمك أيها القارئ العزيز بعد كل هذه الاختلافات؟ ألا يثبت ذلك أنه ليس من عند الله بحسب حكم الآية القرآنية نفسها؟ : “لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا” (سورة النساء4: 82)؟ .

ما أحوجنا إلى أن نفتش الكتب التى نظن أن لنا فيها حياة أبدية وخاصة الكتاب المقدس، فهو الذى يشهد للحق وللمسيح وللحياة الأبدية